أتمثله متساميا إلى معالي الحياة , متقد العزمات , تكاد تحتدم جوانبه من ذكاء القلب و شهامة الفؤاد و نشاط الجوارح .
أتمثله مقداما على العظائم في غير تهور , محجاما عن الصغائر في غير جبن , مقدرا موقع الرجل قبل الخطو , جاعلا أول الفكر آخر العمل .
أتمثله واسع الوجود , لا تقف أمامه الحدود , يرى كل عربي أخا له = أخوة الدم و كل مسلم أخا له = أخوة الدين , و كل بشر أخا له = أخوة الإنسانية , ثم يعطي لكل أخوة حقها فضلا و عدلا .
أتمثله حلف عمل لا حليف بطالة , و حلس معمل لا حلس مقهى , و بطل أعمال لا ماضغ أقوال , و مرتاد حقيقة لا رائد خيال .
أتمثله برا بالبداوة التي ( أخرجت من أجداده أبطالا ) , مزورا عن الحضارة التي رمته بقشورها , فأرخت أعصابه , و أنثت شمائله و خنثت طباعه , و قيدته بخيوط الوهم , و مجت في نبعه الطاهر السموم , و أذهبت منه ما يذهب القفص من الأسد من باس و صولة .
أتمثله مقبلا على العلم و المعرفة , ليعمل الخير و النفع , إقبال النحل على الأزهار و الثمار لتصنع الشهد و الشمع , مقبلا على الإرتزاق إقبال النمل تجد لتجد , و تدخر لتفتخر و لا تبالي ما دامت دائبة ( أن ترجع مرة منجحة ) , و مرة خائبة .
يا شباب الجزائر ! هكذا كونوا ! أو لا تكونوا ! ...